الجمعة، ١٨ ديسمبر ٢٠٠٩

إنه لم يأتي بعد

الحب قد يأتي سريعاً
لا نجد من يدافع عنا
حينما يصل
أو
يحمينا إختراقه بعنف قلوبنا

أو
تحزيرنا من خطورته
وتملكه لمشاعرنا وتفكيرنا

لا يتردد الحب من السطيرة بشكل كامل علي حياتنا ككل
كأنه يعلم مدي ضعفنا أمامه
فلا دواء ولا استشارات تجدي حينها

وفجأه سكت الرجل المسن وتابع بنظره إلي السماء
مشيراً ببطأ إلي قرص الشمس الذي قد بدء للتو في التحرك
خلف المباني الشاهقة
قائلاً للشاب الذي تبدو عليه ملامح الإرتباك

أنظر يا بني هناك
إنها الشمس .. إنها الحب !
واستمر في الكلام متاجاهلاً نظرات الشاب
أتدري لماذا تظهر لنا الشمس كل يوم وفي نفس التوقيت ؟
أتدري لماذا لا تشعر بخمول أو كسل من الإتيان إلينا ؟
تردد الشاب بالتفوه بكلمه واحده
وقبل أن يجب الرجل

عاجله الشيخ بإشارة من يده ألزمته السكوت
وأستمر قائلاً:
أأتي إلي بعد أن يغيب قرص الشمس لنتناول العشاء سوياً
......
مشي الشيخ العجوز بإتجاه أحد الطرقات
تاركاً الشاب من خلفه
في حيره من أمره

وبإستسلام مشي الشاب
محاولاً أن يسرع من خطواته
فلم يستطع
علي ما يبدوا إزدادت حيرته
بعد حديثة مع الرجل
فقد تركه بلا إجابه شافية علي تساؤله
فهتف قائلاً لنفسه
بصوت يكاد يسمعه من حوله
ما هذا الكلام الساذج؟
ما علاقه الشمس بالحب؟
لقد بدأت أعراض الشيخوخه تظهر علي الرجل
هل فقد هذا الشيخ صوابه؟
...
حل المساء
كان الشاب وقتها واقفاً أمام منزل العجوز
متابعاً بنظراته لشرفات المنزل
فوجد أنه غارق في عتمه تامه
ظن أن الرجل نسي ميعاده ونام مبكراً
وبشيء من الهدوء
تخلص من تردده وحيرته
ودق جرس المنزل
ولم تمر سوي لحظات
حتي ظهر العجوز أمامه
فعلم أنه كان في إنتظاره
وبهدوء قال له الرجل:
أتيت في ميعادك الصحيح
تحرك الآن إلي نهاية هذة الردهة
ستجد مائدة الطعام أمام
إسترح هناك قليلاً
سأعود إليك مسرعاً

ولكن
خذ تلك الشمعة معك
لتنير الطريق أمامك
فكما تري
إن الكهرباء منقطعه عن المنزل
نظر الشاب بالإستسلام

للمكان الذي أشار إيه الرجل
وأمسك بالشمعه
متجهاً إلي مكان المائدة
فوجدها
مليئة بالطعام يكفي عشرة أشخاص لتناوله

جلس في إنتظار أن يأتي إلية الرجل ثانياً
مر الوقت سريعاً ولم يأت بعد
فالشمعة قاربت علي الإنتهاء
يجب أن يعود سريعاً
هكذا تحدث إلي نفسه
وفجأة
إنتهت الشمعه
وعم المنزل ظلام دامس

وبشكل فاجئة
وجد زراعاً تربت علي كتفه

سمعاً صوت يقول له:
أتدري
أن الحب عندما ينتهي تجاه من نحبه
لا نستطيع رؤية

الأشياء الجميلة فيه
سواء أكانت حقيقية أو صورة رسمنها عنه

مثلما إنطفأت الشمعه لم تستطع رؤية الطعام
رغم أنه أمامك مباشراً
لكنك لم تستطع الرؤية من حولك
أما الشمس دائمة السطوع لا تتغيب عنا

يسقط ضوئها الأصفر علي ما حولنا
وحين يأتي المساء وتغبيب الشمس

تترك لنا حارسها النشيط
القمر
كي نري جمال وروعه من نحبه في المساء
يابني
لا تجعل حبك مثل الشمع فينتهي وتعيش في ظلام

إجعله كالشمس لا يغيب
وإن غاب ستجد حارسه ينير حبك مره أخري

إن ضوء الشمس أبدي بسبب
خليط الغازات التي تحتويها في باطنها

أما
أبدية الحب هي المواقف
والأحداث الجيدة أو السيئة
التي ممرت بها مع من تحبه

وكيف تعاملتم حينها مع بعضكم
لتبين لك من خلالها
مدي نبل أخلاقكم
وردود أفعالكم
سكت الشيخ
ليعطي للشاب فرصه تناول العشاء
بعد أن أضاء المنزل
ما هي إلا دقائق
أنهي الشاب طعامه
وصافح الشيخ في حراره
طالباً منه أن يأتي لزيارته كلما إحتاج إليه
وافق الشيخ مرحباً
وتابعه مبتسماً حتي إختفي عن عينه
وفي أثناء السير

صاح الشاب قائلاً:
"إنه الحب الذي أبحث عنه , إنه لم يأتي بعد"



ليست هناك تعليقات: